الخميس، 14 مايو 2020

برجل بابل أسطورة العراق العجيبة

التصنيفات

برج مرتفع بشكل غريب فوق سطح الأرض ، ومن عجائب الدنيا يقال إن الغاية منه واحدة ألا وهي غزو السماء.
هو عبارة عن أسطورة مثيرة ارتبطت بشخصيات أسطورية أكثر إثارة فهو لغز محير ومرتبط بملك غامض يسمى النمرود، لكن نهايته كانت مأساوي، موت ودمار شامل، نهاية حفرت في ذاكرة التاريخ إلى الأبد.

المكان والزمان :
يقع برج بابل في وسط مدينة بابل الأثرية بالعراق والتي يعود عمرها لأكثر من أربعة آلاف عام والتي كانت تحتضن حضارة تركت بصمتها في التاريخ إذ كان لدى البابليين القدرة على الحساب وبناء السدود والأبراج والأسوار وشق القنوات المائية كما أتقنوا التجارة وحرفة صباغة الجلود والصناعات الفخارية، أما أكثر ما اشتهر به فهو إرساء نظم قانونية.

معنى كلمة بابل :
برج بابل من أبرز معالم مدينة بابل والذي اعتبر من عجائب الدنيا بفضل ضخامته وطوله وهندسته المثيرة للجدل والملفت للاهتمام أن معنى بابل باللغة الأكادية هو بوابة الإله.

شكل البرج :
لم تبقى آثار تذكر من برج بابل إلا أنه بحسب المؤرخين والرحالة فإن مساحة القاعدة تصل إلى حوالي واحد وتسعين مترا مربعا ما يعني أنه برج ضخم للغاية، إذ يرتفع فوق هذا البرج برج آخر ويرتفع على هذا الأخير من جديد برج آخر وهكذا دواليك بحيث يقال إن عدد الأبراج المتراصة يتراوح ما بين ستة وثمانية أبراج، كما يضم درجا خارجيا يحيط بالبرج من الأسفل إلى الأعلى.
تعددت الروايات التي تتناول شكل البرج فهناك من يقول أن البرج دائري الشكل في حين يقول البعض الآخر أنه مربع ولكن ما يمكنني قوله في هذا السياق أن هناك عددا من الصور التي يتم نسبها للبرج والتي تم التقاطها في الموقع الذي يعتقد أن البرج شيد عليه في العراق، بحيث تصور القاعدة الأولى للبرج على أنها مربعة الشكل  لا دائرية.

 قصة بنائه و ارتباطه بالملك النمرود :
يرتبط برج بابل ارتباطا وثيقا بشخصية تاريخية مثيرة للجدل الملك النمرود الذي اعتبر أول من ادعى الألوهية، تقول الأسطورة أن النمرود كان ملكا جبارا وأمر قومه بالسجود له بحيث نصب نفسه لهم وكان أول من وضع تاجا ذهبيا على رأسه،  فرض النمرود سيطرته على بقعة واسعة من الأرض وبناء حضارة ضخمة بعد الطوفان العظيم، إذ يعود نسب النمرود إلى بني النبي نوح عليه السلام.
لم يكتف النمرود بما وصل إليه من قوة وجبروت فقرر غزو السماء وتحدي الله عز وجل والعياذ بالله وذلك بعد موقف واحد تمثل بوقوف النبي إبراهيم عليه السلام في وجهه داعيا إياه إلى الطفر بالأصنام والإيمان بالله الواحد عز وجل، الأمر الذي رفضه النمرود رفضا قاطعا فجند جنوده وقاموا ببناء البرج الشاهق ليغزو السماء وليثبت أنه اله ليعزز وجوده ومكانته على الأرض وبين شعبه، إلا أن الله عز وجل أسقط البرج وحرق ما تبقى من كتب للنمرود نهاية مأساوية.

كيف  دمر البرج كليا ؟ وما علاقته بظهور لغات جديدة ؟؟ :
أن دمار البرج خلف أثرا غير وجه البشرية، كيف ذلك ؟  إنها اللغة
مع أن هذه النقطة لا يتفق عليها الجميع لأسباب سأذكرها في سياق هذا الموضوع
يضع بعض العلماء والباحثين اهتماما كبيرا بقصة دمار برج بابل كونها النقطة الفاصلة في تاريخ البشرية على حد تعبيرهم ومنها تعددت الألسن وتنوعت اللغات بعد أن كانت واحدة.
فبحسب بعض الروايات والنصوص الدينية أثار تكبر الإنسان وجبروته غضب الله عز وجل فبلبل الألسن بحيث لم يعودوا قادرين على فهم بعضهم البعض وفي نهاية المطاف دمر البرج الشهير.

 النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحدثنا عن برج بابل :
وقد ذكرت مسألة تعدد اللغات ودمار برج بابل في التوراة ما دفع علماء اللغة والباحثين إلى محاولة اكتشاف هذه اللغة الواحدة التي كان يتكلم بها الإنسان القديم، هذه النقطة لا يتفق الجميع عليها فبعض العلماء يرتكزون على آية من القرآن الكريم للتأكيد على أن اللغات كانت موجودة منذ بداية الخلق، إذ يقول الله عز وجل في سورة الروم : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ  وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (22) صدق الله العظيم.
بالمقابل  نجد في القرآن الكريم ذكرا لبرج عظيم تم تدميره إذ يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النحل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26)  صدق الله العظيم.
 اعتبر بعض المفسرين أن هذه الآية تتحدث عن الملك النمرود وعن بنائه لبرج بابل وعلى الرغم من أنه لم يرد اسم النمرود في نص قرآني إلا أنه هناك دلائل في تفسيرات للحديث النبوي الشريف يقول فيه نبينا الأعظم عليه الصلاة والسلام : مَلَكَ الأَرْضَ مَشْرِقَهَا وَمَغْرِبَهَا أَرْبَعَةُ نَفَرٍ؛ مُؤْمِنَانِ، وَكَافِرَانِ. فَالْمُؤْمِنَانِ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ. وَالْكَافِرَانِ: بُخْتَنَصَّرُ، وَنُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ. لَمْ يَمْلِكْهَا غَيْرُهُمْ.

لابد من السؤال كيف تمكن النمرود أو أهل بابل من بناء هذا البرج الضخم وبهذه الدقة ؟
تقول الأسطورة أن النمرود كان ساحرا عظيما موال للشيطان لذلك سخر الجن لمساعدته في بناء هذا الصرح الضخم الذي يقال إن قبل دماره كان المرء بحاجة إلى أشهر ليصل إلى قمته و الله أعلم، إلا أن الأكيد هو أن برج بابل سيظل لغزا محيرا يثير اهتمام وتساؤلات الجميع.
 وأبرز هذه الأسئلة  :
ما مدى التطور العلمي والحضاري الذي شهدته البشرية في التاريخ الأول للأرض؟
هل الآثار التي عثر عليها الرحالة في العراق تعود لبرج بابل الذي بناه النمرود لتحدي الله عز وجل؟ أم أنها آثار معبد مرمم آخر؟ والذي يدفعنا إلى طرح هذا السؤال هو العثور على نصين مسمارين يشيران إلى أن الملكين البابلين نبوخذنصر وأباه قد قاما بترميم برج بابل الذي كان قبل زمانهما وأصابه الخراب، وبحسب النصوص وذلك نزولا عند رغبة الإله مردوخ أي نمرود باللغة العربية  وبعد ترميم البرج شيد معبدا على قمته للنمرود.

 يبقى السؤال المطروح
هل دمر برج بابل مرتين ؟
وهل نحن الآن أمام آثار الدمار والخراب الذي خلفته الحروب والسرقات والعوامل الطبيعية للبرج المرمم ؟
لا أحد يعلم ؟
شاركوني تعليقاتكم وآراءكم ولا تنسوا أن تشاركوا هذا الموضوع مع أصدقائكم